الأصيلة لحمى التقاليد في مواجهة دستور الوصاية الذكورية، يتحول – بقدرة قادر – إلى تعسف في ممارسة سلطات الأمومة، عندما يصطدم عقل الأم أو العقل الجمعي الذي يمثله، بمظاهر التجديد الفكري الذي تحمل الابنة لواءه .. حينها يندلع الصراع وتتسع الفجوة ! ..
تشتت المرأة بين بقائها الطوعي داخل شرنقة ربة الأسرة (الأم النمطية)، وخروجها إلى ما يتطلبه تحقيق الذات فكرياً و مهنياً من جهد و انصراف وتضحيات هي “حجوة أم ضبيبينة” محلية، و“لعبة بازل” عالمية :عبرت عنها الكاتبة المسرحية الإنجليزية (كاريل تشرشل) - قبل نصف القرن من الزمان – عندما أعلنت عن تمزقها بين رعاية أطفالها واستئجار مربية ترعاهم بالإنابة عنها في أوقات تفرغها للكتابة ..
اختارت (كاريل) في النهاية أن تتولى رعاية أطفالها بنفسها، على أن تتفرغ للكتابة بعد خلودهم للنوم، الأمر الذي تطلب مزيداً من فواتير الجهد الإضافي والصحة والأعصاب إلى جانب الكثير من فواتير التمرد الباهظة التي لاتزال المرأة المتمردة على العيش في جلباب أمها تجاهد لتسديدها كل يوم ! ..
في ذاكرتي من الأدب النسائي العالمي صيحات نسائية مسرحية أنيقة مماثلة ظهرت وقت ظهور صيحة (كاريل) وشدت من أزر المرأة/المثقفة/الزوجة/الأم – صيحات - أطلقتها كاتبات مسرحيات أمثال (شلا ديلاني) و (شارلوت كينلي) و (مارشا نورمان) ..
في مسرحية “طعم العسل” تناولت (شيلا ديلاني) صراع الأجيال من خلال تنازع فكري/سلوكي بين أم وابنتها على مفهوم الخطأ و الصواب تضمنه الأم أسئلة حائرة تقوم بتوجيهها إلى الجمهور الذي يجيب عليها بالصمت والتصفيق ! ..
وفي مسرحية أخرى هي «عندما يحب الأسد» اقترحت (شيلا) إعادة رتق نسيج العلاقات بين الرجال و النساء من خلال تمزيق الأدوار النمطية لكل منهم ..
نصوص أخرى لمجايلات (شيلا) كانت أيضاً مسرحاً للعلاقة بين الأم وابنتها، إنما من منظور مغاير يظهر تفاصيل المرأة المنزلية ويكشف عن قناع الرضا الزائف الذي يكسو وجه الأم والزوجة النمطية الخائفة من الخروج على شرنقتها التقليدية الآمنة ! ..
كـ مسرحية «أمي قالت لا» لـ (شارلوت كينلي) ومسرحية «تصبحين على خير يا أمي» لـ (مارشا نورمان)، اللتان يظهر الرجال فيهما – كالنساء تماماً - ضحايا لمنظومة قهر مجتمعي يجثم على صدور الجنسين ! ..
نحن نتحدث دوماً عن قهر الرجل وننسى الأم حارسة التقاليد وحاملة السوط الذكوري، لذا فمجتمعنا المحلي بحاجة إلى نصوص نسائية مماثلة، في الفن والدراما التلفزيونية والمسرح، نصوص مكتوبة – لا بترف التعاطف الذكوري إن وجد – بل بوجع نسائي خالص ! ..
لكي تسود المرأة المثقفة في مجتمعنا و تملك خيارها الفكري الحر/الند للرجل/ المستقل عن وصايته، لا بد أن تنجح أولاً في (تفكيك) عقدة تلك العلاقة الـ(سادو/ماسوشيزم) بين المرأة الحبوبة/الأم و الرجل ! ..
بين جيل (الحبوبات) والأمهات ومعشر الرجال علاقة منهجية فكرية موحدة قائمة على (الخوف) .. خوف المرأة
على المرأة !